شهادة تحليلية حول شخصية مدحت بركات ودوره السياسي

في وقتٍ أصبح فيه المشهد السياسي المصري أكثر تعقيدًا وتداخلاً، يندر أن نجد شخصية تخترق هذا المشهد بسيرة نضالية خالصة، وموقف مستقل لم يتكئ على مراكز قوى أو دعم خارجي. من بين هذه الشخصيات يبرز المهندس مدحت بركات، رئيس حزب أبناء مصر، كنموذج يستحق التقدير والتحليل.
تجربة فريدة… ورؤية وطنية
مدحت بركات ليس سياسيًا تقليديًا. بل هو رجل أعمال اختار طريق المواجهة لا المهادنة، حين أسس صحيفة “الطريق” في وقت كانت فيه الصحافة المستقلة تخاطر بوجودها إذا اقتربت من دوائر الفساد.
كتب ضد التوريث، ضد احتكار السلطة، ضد تهريب المال العام… فتم اعتقاله وتلفيق القضايا له. ومع ذلك، لم يستسلم.
خرج من محنته بعزم على تحويل الألم إلى مشروع. فكان تأسيس حزب أبناء مصر عام 2019، تعبيرًا عن رغبة حقيقية في بناء كيان سياسي يعكس نبض الناس، لا يخضع لرعايات خفية، ولا يقايض على المبادئ.
ثلاثية تميّز بركات:
1. الشجاعة في المواجهة:
قَلَّ من واجه الفساد وجهًا لوجه، ودفع ثمنه، ثم عاد أقوى، ليؤسس تجربة سياسية مستقلة.
2. الاستقلالية الحزبية:
لم يسعَ للاختباء تحت عباءة حزب تقليدي أو تيار ديني أو سلطوي، بل أسس حزبًا من الصفر، خاض به انتخابات 2020 بقائمة مستقلة في قطاع شرق الدلتا، في خطوة جريئة وغير مسبوقة لحزب حديث العهد.
3. الخطاب الوطني المتوازن:
يجمع بين دعم الدولة ومؤسساتها، وبين المطالبة بإصلاح سياسي حقيقي، وبتحقيق العدالة الاجتماعية، وتمكين الشباب والمرأة.
التحديات التي تواجهه:
• ضعف التمثيل البرلماني حتى الآن، مما يحرم الحزب من أدوات التأثير داخل قبة البرلمان.
• انحياز المشهد الإعلامي لأحزاب بعينها، على حساب الأحزاب الوطنية المستقلة ذات المواقف الواضحة.
تقييم ختامي:
مدحت بركات يُمثّل حالة سياسية فريدة:
هو ناتج نضال شخصي وسياسي في آن واحد. يمتلك مشروعًا وطنيًا يستحق مساحة حقيقية في المشهد، بعيدًا عن التهميش المتعمد الذي تعاني منه الأحزاب الجديدة المستقلة.
إذا أُتيحت له المساحة العادلة، ودُعم حزبه بإرادة سياسية لإنعاش التعددية، فإن مدحت بركات يمكن أن يتحول إلى أحد أعمدة السياسة الوطنية الرصينة في مصر، بعيدًا عن الصخب والمزايدات.
بقلم: د. هاني المصري – باحث في شؤون الأحزاب والنظم السياسية