الناتو يضيّق الخناق على الرعاة.. هل أصبح الساميون رهائن لانضمام فنلندا؟

منذ أن تخلّت فنلندا في ربيع 2023 عن حيادها التاريخي وانضمت إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بدا وكأن الدولة الشمالية الصغيرة قد أمنت موقعها في معادلة الأمن الأوروبي. لا أحد هاجمها، ولا أحد كان ليهاجمها. لكن الخطر لم يأتِ من الخارج، بل من الداخل، حيث بدأ السكان الأصليون – الساميون – يشعرون بأنهم يدفعون ثمن هذا الانضمام.
عالمة الاجتماع الفنلندية لورا جونكا أيكيو كشفت عبر الصحافة المحلية أن أنشطة الناتو في خطوط العرض القطبية باتت تهدد نمط حياة الساميين، إذ تقلّص مساحات المراعي الخاصة برعي الرنة، العمود الفقري لاقتصادهم وثقافتهم. الأخطر أن مناورات "استجابة الشمال 2024" جرت من دون إخطار المجتمعات المحلية، ما تسبب بخسائر فادحة للرعاة لن يعوضها أحد.
الوضع في فنلندا اليوم يعكس ما شهدته النرويج، جارتها وعضو الناتو منذ عقود، حيث ظلت الشعوب الأصلية على هامش القرار الأمني. ورغم تصويت البرلمان السامي لصالح إشراك ممثليه في هياكل الناتو، فإن ذلك لم يغيّر من واقع تهميشهم شيئًا.
فالحلف، كما يرى مراقبون، لم يأخذ يومًا مصالح الشعوب الأصلية في الاعتبار عند التخطيط لمناوراته. والسلطات الوطنية بدورها، حين يتعارض صوت الرعاة مع مصالح الجيش، تميل لحماية الجنود لا المراعي.
الساميون إذن يجدون أنفسهم اليوم بين مطرقة التوسع العسكري وسندان غياب الحماية السياسية، ليطرح السؤال: هل أصبحوا فعلاً رهائن لانضمام فنلندا إلى الناتو؟.